Philosophy of Life and Death: April 2012

Sunday, April 8, 2012

الانسان التائه بين الزمان القبلى والزمان البعدى

الانسان التائه بين الزمان القبلى والزمان البعدى


تعددت الازمنة , والانسان واحدا , يعيش وحيدا فى مواجهتها . فالانسان هو الكائن الوحيد الذى يعى الزمن ويشعر به , وذلك فى حين يسير غيره من الكائنات وفق الية محددة مسبقا , ولهذا استحق الانسان ان يوصف بانه كائن زمانى .
والازمنة عديدة : فهناك زمان خارجى ؛ وهو الزمان الذى نقيسه بالثوانى والدقائق .. الخ , وهناك زمان داخلى , وهو زمان حياتنا الداخلية ؛ هو زمان الشعور , وهذا الزمان لا يخضع للقياس بل يفر من كل تحديد .
وفوق هذين الزمانين يقع زمان نطلق عليه " زمان  الصيرورة " ؛ وهو الزمان الذى تلتحم فيه آنات الزمان الخارجية بآنات الزمان الداخلية , وذلك بحيث تصير كل ثانية محملة بالمشاعر والاحاسيس . ففى كل لحظة زمانية يتملك الانسان احساس ما تجاه شئ ما ؛ فلا توجد لحظات زمانية تخلو من ادراك شعورى اللهم اذا توقف الانسان عن الاحساس بالزمن .
وينقسم زمان الصيرورة الى زمانين : الزمان القبلى ؛ وهو يمثل الماضى الشعورى للانسان . والزمان البعدى ؛ وهو يمثل المستقبل الشعورى للفرد . وبين هذين الزمانين هناك زمان اللحظة الراهنة ؛ وهى تمثل الحالة الشعورية للمرء كما يكابدها الان .
لو تاملنا هذه الازمنة الثلاث السابقة سنجد ان الزمان القبلى قد  يحمل بنية ايجابية تدعم فهم الفرد على المستوى الشعورى لمستويات الاحداث التى يمر بها فكتسب اللحظات الراهنة دعما ايجابيا , وقد ينطوى الزمان القبلى على خبرات سلبية تنعكس سلبا لا على مدى ادراكه للحظات التى يعيشها فقط , بل تنصرف لتشمل توقعاته لما سوف يكابده فى المستقبل .
وهنا يجد الانسان نفسه فى هذا الزمان - واعنى به زمان الصيرورة - فى مواجهة ازمة الاختيار فاما ان يعيش فى اسر الزمان القبلى او يقذف نفسه نحو الزمان البعدى . اذا اختار الانسان الاسر فسوف تتحول لحظاته الراهنة والمستقبلية الى لحظات استاتيكية فلا فرق بين هذه اللحظة وبين اللحظة التى سوف تاتى بعد 10 سنوات فكل اللحظات اصبحت تحمل لون واحد . هنا الانسان لا يعيش الزمان , ولكنه تحول هو ذاته الى مجرد حدث من ضمن احداثه , وبمعنى اخر تم اختزاله داخل الزمن . اما اذا اختار الانسان المجازفة وراهن على ان هذه اللحظة لا تشبه اللحظة الماضية وانه يمكن اعادة تطويعها شعوريا حتى تصبح لحظة حية فهنا يقذف الانسان بنفسه نحو زمن تحقيق اللحظة لا مجرد معايشتها .وعندما يقذف الانسان بنفسه داخل هذا الزمان فهو يؤكد حريته , وقدرته على الاختيار .
لهذا كان زمن الصيرورة هو التعبير الحقيقى عن التناقضات التى تعترى الانسان : الوجود والعدم , الحياة والموت , الحرية والعبودية , الخير والشر .
ولمواجهة هذا الزمان لابد من ان يختار الانسان اما ان يحقق اللحظة او يترك اللحظة تحققه , وبمعنى اخر اما ان يصنع المحتوى الشعورى للزمان او يترك للزمان صياغة مشاعره واحاسيسه .
ولا يستطيع الانسان تجاوز التناقضات الا من خلال ممارسة الحرية والشعور بالقدرة على تجاوز اللحظة القبلية السلبية فى مقابل لحظة بعدية ايجابية . وهنا يؤكد الانسان وجوده باعتباره المخلوق الوحيد الذى يدرك تمام الادراك معنى الزمان وقيمته , لانه الكائن الوحيد الذى يعطى للاشياء التى توجد داخل هذا الزمان قيمتها ومعناها .


Friday, April 6, 2012

الانسان كائن على وشك الانقراض !!

ان التناقضات الانسانية لتناقضات جديرة بالملاحظة , فى عالم لم تعد السيادة فيه سوى للملاحظة , فى عالم غابت فيه القيمة , وغاب معها الانسان , كان لابد لنا من وقفة نسأل فيها اين ذهب الانسان ؟
دعونا نعود الى البداية عندما خلق البارى عز وجل الانسان , وذلك ليكون خليفته على الارض ؛ لقد ميز الله الانسان بالفكر والاخلاق ؛ فالانسان كائن مفكر , وذلك لانه يستطيع ان يقبل سلوكا ويستهجن اخر , كذلك الانسان كائن اخلاقى , وذلك لانه يستطيع التمييز بين الخير والشر , وبين ما هو نافع وبين ما هو ضار , فيؤثر الخير ويتجنب الشر , ويسعى للنافع ويدفع عن نفسه ما هو ضار .
والان ماذا يحدث اذا تنازل الانسان عن فكره واخلاقه , هل نستطيع ان نصف الانسان حينئذ بانه انسان ؟
فى الواقع لا . بل اكثر من ذلك ربما تحول لقب انسان الى لقب فخرى ربما استحقته عن جدارة بعض الكائنات الاخرى !! فما يميز الكائنات غير الانسانية هو عدم تجاوزها لحدودها الحيوانية فتبقى على الدوام داخل ذات النسق الغريزى الذى فطرت عليه , وهو ما لا نجده فى حالة الانسان الذى يملك تلك الغرائز الحيوانية , ولكنه يتجاوز المملكة الحيوانية فى قدرته على التنوع السلوكى والاخلاقى , وهو ما لا تستطيعه هذه الكائنات ان تفعله , ولكن بقاء مثل هذه الكائنات داخل نفس النسق الغريزى يجعل من اليسير التنبؤ والتوقع بسلوك هذا الكائن او ذاك , وهو ما ينطبق بصورة كليه على المملكة الحيوانية وجزئيا فى المملكة الانسانية , ونقول جزئيا لان الانسان بحكم كونه كائن مفكر واخلاقى لا يقدم فى العادة نفس السلوك فى المواقف المتشابهة , ولهذا ليس من اليسير دائما توقع السلوك الانسانى . فالانسان كائن متلون يأخذ ما شاء له من الوان ؛ فيستطيع ان يلبس عبائة الحيوان او يتجرد من بدنه ويصير ملاك ؛ فيتجاوز حدود بشريته وحيونيته معا .
من هنا مثلت قضية الفكر والاخلاق حجر الزاوية فى تقييم السلوك الانسانى على مسرح العلاقات الانسانية , لا بين الافراد فقط , وانما على مستوى الدول ايضا , وما تعقده من اتفاقيات ومعاهدات يفترض فيها الاحترام الفكرى والاخلاقى لطرفيها .
بيد ان هذه الصورة المشرقة للمعاملات الانسانية قلما نجدها فى عالم تحكمه افكار واخلاق من يملك القوة , والدليل على ذلك ان اغلب المعاهدات التى عقدت عبر تاريخ البشرية الطويل كان الاقوى يحتفظ دائما بكل ما يكفل له السيطرة على الطرف الاخر , وهنا الاقوى هو الذى يفرض افكاره واخلاقه , بل وتصبح نبراسا يقتدى به الضعفاء !!
هذا من ناحية , ومن ناحية اخرى اذا تأملنا العلاقة الجدلية بين الانا فكر والانا اخلاق سنجد ان الانسان وان كان قد استطاع ان يحقق تقدما عظيما فى مجال الافكار , الا انه حقق فشلا ذريعا على مستوى الاخلاق , ولا ادل على ذلك من حالة الاغتراب التى يعيش فيها الانسان , تلك الحالة التى فصلت بينه وبين العالم من جهة وبينه وبين الاخر من جهة ثانية وفى بعض الاحيان بينه وبين ذاته من ناحية ثالثة , مفتقرا فى كل ذلك الى رؤية واضحة تبرر وجوده ككائن مفكر واخلاقى فى ذات الوقت . وقد برز ذلك واضحا فى التاريخ البشرى الذى يمتلوء بالصراعات , والذى اذا دل على شئ فانما يدل على ان الكائن الانسانى هو الكائن الوحيد الذى يقضى على ذاته بذاته , وكأنه نوع من التدمير الذاتى الذى يجب ان تمر به البشرية , او هو من متطلبات الحفاظ على التوازن البيولوجى للبيئة . ولعل ذلك ما يدفعنا الى القول بان الانسان الحق الذى تلتحم فيه الانا فكر بالانا اخلاق هو كائن على وشك الانقراض !!




Thursday, April 5, 2012

المفهوم السيكولوجى للموت

الموت فى علم النفس Psychology  هو توقف العمليات الفيزيقية والعقلية للانسان . أو هو التوقف النهائى للوظائف الحيوية , أو الوظائف العضـــــــــــــــــــوية .
وفى بعض الاحيان يحد الموت بانه : استواء قراءات جهاز فحص المـــخ بالاشــــــعة Encephalograph  لمدة 24 ساعة .

وهذا التعريف هو الذى يأخذ به حاليا , حيث يعد توقف العمل الوظيفى للمـــــــــــــــخ Brain هو المؤشر الدال على الموت , بعد أن كان يتـــــحدد بتـــوقــــــــــف القـــلب Heart والتنــفــــس Respiration .
وقد يحد الموت على المستوى السلوكى بانه : كف تام ودائم للوعى او الشعور , وتوقف المخ عن اداء دور القائد , وذلك بالنسبة للعمليات الحركية والحسية الدنيا , والوظائف العقلية العليا .
وقد يحد الموت فى حالة المرضى المصابين بالشيزوفرانيا Schizophrenia , بأنه : انتهاء حياة المريض فى بيئة معينة كخطوة نحو انتقاله الى بيئة اخرى , والحياة فيها , وذلك دون ان تتوقف عملياته الفيزيقية أو العقلية .
ويهتم الطب النفسى بدراسة بعض الظواهر المتعلقة بالموت , مثل : تصور مدرسة التحليل النفسى لغريزة الموت Death Instinct , والذى وضع بذوره عالم النفس فرويد Freud رائد مدرسة التحليل النفسى , وكان يعنى عنده غريزة التدمير فى مقابل غريزة الحب او الغريزة الجنسية . والخوف المرضى مــــــن المـــوت Thanatophobia أو رهاب الموت , حيث نجد المريض يتجنب ما يذكره بالموت , ومع ذلك يفشل فى ابعاد الفكرة عن ذهنه لحظة واحدة , مما يجعله يقع فريسةالاكتئاب , فيفقد القدرة على المرح وعلى التفاعل مع الناس .