مفهوم الموت فى الديانة اليهودية
ينظر العهد القديم الى الموت على انه النهاية الطبيعية للحياة . وان الموت هو القدر المشترك للناس جميعا . فقد جاء فى سفر صموئيل الثانى : " لابد ان تموت ونكون كالماء المهراق على الارض " ( 14:14) . وجاء فى سفر ايوب : " يسلم الروح كل البشر جميعا ويعود الانسان الى التراب ". (34:15) . وجاء فى سفر الجامعة :" لكل شئ زمان ولكل امر تحت السماوات وقت , للولادة وقت وللموت وقت , ولكل المغروس وقت ..".(1:3) .
وتشير هذه النصوص الى ان الموت حتما على الناس جميعا , ليس على الموجودات البشرية فقط بل حتما على كل موجودات الارض .
هذا , وعلى الرغم من ان الموت فى العهد القديم هو الخاتمة الطبيعية للحياة والقدر النهائى للجميع , الا انه كان على الدوام امرا غير مقبولا , وضيفا غير مرحب به , فالموت يقطع الانسان عن المجتمع , كما عن مواصلة خدمة الله . ولهذا ينظر العهد القديم الى الموت على انه قوة معادية للانسان . فهو الراعى الكئيب الذى يدخل الناس الى الجحيم ( انظر , سفر المزامير : 49-15) , وهو الذى ينفذ الى المنازل لكى يحصد الاطفال ( انظر , سفر ارميا :9-20) , ولهذا كانت غاية الاسرائيلى هى ان يعيش طويلا وينجب كثيرا .
ويربط العهد القديم بين الخطية Sin والموت حيث يرى ان الموت قد دخل الى الوجود الانسانى والعالم بسقوط الانسان الاول فى الخطية , اذ كان الامر الالهى :" اما شجرة الخير والشر فلا تاكل منها , لانك يوم تاكل منها موتا تموت "( سفر التكوين :17:2).
وجاء ايضا : " واما ثمر الشجرة التى فى وسط الجنة فقال الله : لا تاكلا منه ولا تمساه , لئلا تموتا "( سفر التكوين : 3:3) . وهنا دلالة واضحة على ان الانسان الاول لم يكن مقدرا له النزول الى العالم الارضى ابتدا بل كان وجوده ووضعه فى الجنة من اجل الاستمرار والاستقرار, بيد ان هذا الاستقرار وهذه الاقامة كانت مشروطة بعدم الاقتراب من الشجرة , ولهذا عندما اكل الانسان الاول ( ادم ) من الشجرة لم يكن جديرا بالبقاء فى الجنة لانه اخطأ عندما خالف الامر الالهى , وفعل ما نهى عن اقترافه . ويدعم استنتاجنا هذا ما ورد فى سفر حزيقال :" النفس التى تخطأ هى تموت "(4:18) , وجاء فى سفر حزقيال ايضا :"وفى خطيته التى اخطأ بها يموت "(24:18).
ويفسر قاموس الكتاب المقدس الموت هنا بانه اشارة الى الموت الروحى , فيقول : " وليس المراد بذلك انه يجرى حكم الموت عليه فى ذلك اليوم بعينه بل المراد انه يكون على يقين من نزوله به . انما فى ذلك اليوم عينه اوقع عليه حكم الموت الروحى الذى هو البعد عن الله والانفصال عنه "(قاموس الكتاب المقدس : ص 929) .
وعلى هذا يكون للموت فى العهد القديم معنيين :
الاول : يشير الى توقف الحياة وانتهائها , وهذا هو الموت الجسدى .
الثانى : يشير الى الانفصال عن الله , وهذا هو الموت الروحى .
فاذا كان هذا هو موقف الديانة اليهودية والعهد القديم من الموت , فما هو موقف الديانة المسيحية والعهد الجديد او الانجيل من الموت ؟! هذا ما سوف نتناوله فى مقالنا القادم ...
No comments:
Post a Comment