مفهوم الموت فى الديانة المسيحية
تنظر المسيحية الى الموت
على انه انفصال النفس عن البدن . وهذا التعريف يشير الى ان النفس وهى المبدأ
الروحى Spiritual Principle للحياة فى الانسان من طبيعة مختلفة عن البدن .
فعند الموت تنفصل النفس عن الجسد , النفس لتحيا , والبدن ليموت . وقد عبر انجيل
يوحنا عن هذا المعنى السابق , فورد فيه : ان " الروح هو الذى يحيى . اما
الجسد فلا يفيد شيئا " . ( 13:6) .
والقول بان الروح هو الذى
يحيى لا يعنى ان الروح تملك بذاتها امكانية البقاء بعد انفصالها عن البدن , ذلك
لان بقائها مرهون بارادة الله . فيذكر انجيل متى : " ولا تخافوا من الذين
يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها . بل خافوا بالحرى من الذى يقدر ان
يهلك النفس والجسد " . ( 28:10).
وهذا النص السابق يشير الى
ان على الانسان الا يخاف من احد سوى الله الذى له وحده عدم الموت , وهو مصدر كل
حياة فى العالم . ( انظر , رو :17:4) .
ويكشف هذا المفهوم المسيحى
للموت عن تصور مغاير تماما عن التصور الذى وجدناه فى الديانة اليهودية فبينما نظرت
اليهودية الى الموت على انه قوة معادية للانسان , ولهذا كانت اهداف اليهودى تتركز
فى انجاب الكثير من الاولاد وان يعمر طويلا . اما فى المسيحية فالموت ليس امرا
مرهوبا للفرار منه , بل هو امر مرحب به لانه سيطلق للنفس الصراح حتى تنطلق نحو
الابدية والخلود .
فاذا كان ذلك كذلك , فما
موقف المسيحية من الانتحار ؟
لقد رفضت المسيحية
الانتحار , واعتبرته فعل غير شرعى . وقد عبر سفر الخروج عن هذا الموقف بالامر
القائل : " لا تقتل " .( 13:20).
وهذا الموقف المسيحى من
الانتحار , هو موقف حاسم فالانتحار مرفوض لمخالفته الشريعة , وبالتالى لم تضع
المسيحية استثناءات لاقدام المرء على الانتحار.
وقد قدمت المسيحية موقفا
اخر تجاه الموت , مؤداه : " ان الموت ليس نهاية الوجود الانسانى , انما الموت
هو بداية الابدية " .
ويقصد ببداية الابدية ان
البشرية تشكل وحدة واحدة , وهذه الوحدة تنمو من خلال نفوس الاشخاص . فكل شخص يموت تنتقل
نفسه الى الوحدة البشرية .. وهكذا حتى يكتمل نموها وتصل الى تطورها النهائى .
ووفقا لهذا المعنى لا يعد
الموت خاتمة للحياة او نهايتها , وانما يعبر عن مرحلة مؤقتة فى تاريخ الانسان نحو
تحقيق الاندماج النهائى فى الوحدة البشرية .
وتربط المسيحية – مثلها فى
ذلك مثل اليهودية – بين الخطية والموت ,
فترى ان الموت قد دخل الى الوجود الانسانى عقابا لادم على معصيته لله ,
واكله من الشجرة المحرمة .