مفهوم الموت عند سقراط
يقوم مفهوم الموت عند سقراط على اعتقاده فى استقلال النفس عن البدن , وان مصيرها مختلف عن مصيره . وهذا الاعتقاد يسير بصوره متوازية مع اعتقاده بتمايز النفس عن البدن :فالنفس هى المبدأ العاقل , والارفع مقاما , والبدن اداتها .
من هنا اعتقد سقراط ان رعاية النفس والاهتمام بها , انما ياتى فى المقام الاعلى عند الانسان كأساس تقوم عليه الحياة الخيرة على الارض . وربما لان النفس لها كل هذه الاهمية , اعتقد سقراط انها لا تزول بعد الموت .
انطلاقا من هذه الاهمية , اعتقد سقراط ان الموت ليس عدما للحياة , بل هو تعديل يطرأ على الحياة . انه استمرار للحياة فى حالة اخرى .
لهذا اعتقد سقراط ان الموت ليس نهاية الحياة , بل هو بالاحرى ابتداءآ لها , ولكن فى مستوى آخر .
من هنا لا يمثل الموت عند سقراط ماساة حقيقية . او كما يقول الفيلسوف الوجودى كيركجارد :"ان الموت عند سقراط لم يكن امرا مأساويآ فى جوهره , ذلك لان الموت عنده لم يكن شيئآ حقيقيآ ".
ويرتبط اعتقاد سقراط بان الموت ليس نهاية الحياة باعتقاده فى خلود النفس .وهذه نتيجة منطقية ; فما دامت النفس هى اكثر سموا من البدن , وهى وحدها من يملك السمو والتفوق , فمن البديهى ان يعتقد سقراط فى خلودها .
وقد هدف سقراط من وراء هذه الفكرة الى ابراز التفوق المطلق والمباشر للاخلاق من ناحية , وخفض اهمية صلة القرابة والالتزامات الدنيوية الى حدها الادنى من ناحية اخرى .
فعندما تقف النفس - كما يرس سقراط - امام القاضى فانها تقف وحدها مجردة من كل مظاهر العظمة التى كانت تحيط بها إبان حياتها على الارض , ولا يشفع لها حينئذ سوى اخلاقها اثناء حياتها الارضية . لهذا كانت افضل طريقة للحياة عند سقراط " تقوم فى ممارسة العدل والفضيلة .
No comments:
Post a Comment